حديث الشعراء
القرية
منذ أن كانت في بدايتها الأولى وهي تترك في الوجدان أثرا،ونبضا طيبا،لأن
«بيت راس» لم تكن محصورة في هذه الجغرافيا فقط،بل ان اسمها ارتحل إلى
الآفاق البعيدة،وذاع صيتها،مرة لكونها احدى المدن العشر،ومرة لأنها منتجع
الخلفاء والأمراء،ومرات عديدة لكثرة كرومها،ولطيب الخمرة التي كانت تصنع
فيها،وتحملها القوافل إلى كل بقاع المعمورة،حتى أن فحول الشعراء تغنوا
بها،ورددوا اسمها،فخلدوها على كل لسان.
نتذكر في التاريخ الحديث من الأردن الشاعر مصطفى وهبي التل «عرار» الذي كان دائم الذكر لها في قصائده مثل:
أشف لي غصتي وخلاك ذام
بكأس من سلافة بيت راس
فإن الدهر أثخنني جراحا
وعز علي في دنياي آس
وأيضا:
وواحنيني إلى كأس مشعشعة
بماء «راحوب» والدنان «بتراسي»
وضجعة فوق جرعاء الحمى ورؤى
تطغى علي،اذا ما لج احساسي
لكن العودة إلى مئات السنين تعيدنا إلى شعراء فحول ذكروها في قصائدهم مثل حسان بن ثابت الذي قال:
«كأن سبيئة من بيت راس
يكون مزاجها عسل وماء
على أنيابها أو طعم غض
من التفاح هصره اجتناء
اذا ما الأشربات ذكرن يوما
فهن لطيب الراح الفداء
ونشربها فتتركنا ملوكا
وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
علي فيها اذا مالليل قلت
كواكبه ومال بها الغطاء
كما أنه ذكرها في قصيدة اخرى قائلا:
لمن الدار أقفرت بمعان
بين شط اليرموك فالخمان
قد عفا جاسم إلى بيت راس
فالجوابي فحارث الجولان
وفي موضع ثالث قال:
شج بصهباء لها سورة
من بيت راس عتقت في الختام
أما أبو النواس فقال فيها:
دثار من غنية أو سليمى
أو الدهماء أخت بني الحماس
كأن معاقد الأوضاح منها
بجيد أغن ، نوم في كناس
وتبسم عن أغر،كان فيه
مجاج سلافة من بيت راس
وقال عدي بن الرقاع العاملي شاعر الوليد بن عبد الملك:
فكأني من ذكركم خالطتني
من فلسطين جلس خمر عقار
عتقت في الدنان من بيت راس
سنوات وما سبتها التجار
فهي صهباء تترك المرء أعشى
في بياض العينين منها احمرار
كما ذكرها النابغة الذبياني بقوله:
كأن مشعشعا من خمر بصرى
نمته البخت مشدود الختام
حملن قلاله من بيت راس
إلى القمان في سوق مقام
وقال ابو العلاء المعري في اللزوميات:
كأن سبيئة في الرأس منها
ببيت فم سبيئة بيت رأس